تعريف العمرة ، حكمها و فضلها
.
✅ تعريف العمرة :
العمرة لغة : هي الزيارة والقصد.
و شرعاً: هي زيارة بيت الله الحرام و التعبُّد لله تعالى بالطَّوافِ ببيتِه، والسَّعْيِ بين الصَّفا والمروة، والتحَلُّلِ منها بالحَلْقِ أو التَّقصيرِ .
✅ حُكم العُمرة :
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها .
لكنهم اختلفوا هل هي واجبة أم مستحبة؟ على قولين مشهورين :
1️⃣: وجوبها، وهو المشهور عن أحمد والشافعي و البخاري وجماعةٍ من أهل الحديث وغيرهم – رحمهم الله – ومن أدلَّتهم على ذلك:
🔸️ ما رواه أهل السُّنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي – وافد بني المُنتفِق – أنَّه أتى النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحجَّ ولا العُمرة، فقال: ((حجَّ عن أبيك واعتَمِرْ))[1]؛ صحَّحَه الترمذي، وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العُمرة حديثًا أجوَدَ من هذا، ولا أصحَّ منه.
🔸️ وبحديث عمر في رواية الدارقطني، وفيه قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وتحج البيت وتعتمر))[2].
🔸️ واستأنَسُوا بقوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِله﴾ [البقرة: 196].
🔸️قال البخاري رحمه الله : بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا
قَالَ ابْنُ عُمَرَ : رَضِيَ الله عَنْهُمَا : لَيْسَ أَحَدٌ إِلا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ ،
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا : إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ الله (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِله) اهـ
وقوله : (لَقَرِينَتُهَا) أي : قرينة فريضة الحج .
2️⃣: إنَّها سنَّة وليست بواجبةٍ، وهو مذهب مالكٍ وأبي حنيفة ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة، ومن أدلَّتهم في ذلك:
🔹️ حديث جابر – رضِي الله عنه – مرفوعًا: سُئِل – يعني: النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – – عن العُمرة: أواجبةٌ هي؟ قال: ((لا، وأن تعتَمِرَ خيرٌ لك))؛ صحَّحه الترمذي[3].
غير أن هذا الحديث ، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي ، والألباني في ضعيف الترمذي ، وغيرهم .
⬅️ ودليلهم كذلك أنَّ الأصْلَ عدمُ وجوبها، والبراءة الأصليَّة لا يُنتَقلُ عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك .
🔹️ ويُؤيِّد ما ذهبوا إليه أن الله تعالى فرض الحج فقط : ﴿ وَلِله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ [آل عمران: 97].
⚠️️ولفظ الحج في القُرآن لا يتناول العُمرة؛ فإنه سبحانه إذا أراد العُمرةَ ذكَرَها مع الحج كقوله: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِله ﴾ [البقرة: 196].
🔹️ وممَّا يُؤيِّد ذلك اقتصارُ النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – على ذِكر الحج دون العُمرة، كما في حديث ابن عمر – رضِي الله عنهما – في الصحيحين وغيرهما: ((بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام)).
و العلم عند الله تعالى .
✅ فضل العُمرة :
🚩 قد ورد في السنة النبوية ما يدل على فضل العمرة وثوابها..
🔸️ “غفران الذنوب وزوالها” :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”. رواه البخاري
🔸️ “إكرام الله للمعتمرين ” :
قال صلى الله عليه وسلم :
( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم )
رواه ابن ماجه وحسنه الألباني .
🔸️ “تنفي الفقر كما تنفي الذنوب” :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) رواه التّرمذي والنّسائي، وصححه ابن خزيمة وابن حبّان، وقال التّرمذي: حديث حسن صحيح.
✅ و يتأكد فضل العمرة و يزداد أجرها في مواسم الخير و الطاعات :
🔹 في ️رمضان
و هو افضل المواسم لأدائها ؛ لما صحَّ أنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أمَر أمَّ معقل – لما فاتَها الحج – أنْ تعتمر في رمضان، وأخبرها أنَّ: ((عُمرة في رمضان تعدل حجَّة))[4]،
وفي لفظ: ((معي))؛ أي: حجَّة مع النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فالحديث دالٌّ على فضْل العُمرة في رمضان، لكن لا تسقط فرضية الحج على من لم يؤده .
🔹️ أشهر الحج (5):
ذهب جماعةٌ من أهل العلم أنَّ العُمرة في أشهُر الحج أفضل من عُمرةٍ في غير أشهر الحج؛ لأنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – اعتمر عُمَرَهُ الأربع كلها في أشهر الحج.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و آله و صحبه أجمعين
[1] مسند أحمد (4/10،11،12)، وسنن الترمذي (930)، وسنن النسائي (5/111)، وسنن ابن ماجه (2906).
[2] سنن الدارقطني (2/282).
[3] سنن الترمذي (931).
[4] مسند الإمام أحمد (4/210).
(5) أشهر الحج : شوال ، ذو القعدة ، ذو الحجة .
تشريع العمرة و متى تؤدى
✅ تشريع العمرة :
اختلف الفقهاء في حكم العمرة، كما ذكرنا سابقا
فذهب البعض إلى أنها سنة، والبعض الآخر إلى أنها واجبة،
🔸️ والذين قالوا بوجوبها قالوا وجبت و شرعت العمرة بوجوب الحج، في قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله)البقرة: من الآية196)
فتكون مفروضة عندهم في السنة التاسعة للهجرة.
🔸️و قال بعض المؤرخّين : إن الحج الذي فرض بقوله تعالى: (وللهِ عَلى النّاس حِجُّ البيتِ مَنِ استَطَاع إليه سَبِيلًا) [ آل عمران : 97] كان في السنة السادسة للهجرة،
⬅️ وعلى أثر ذلك قام النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ و الصحابة معه بالسّفر إلى مكّة لأداء العمرة، فصدّهم المُشركون وكان صلح الحديبية، وقضى الرسول هذه العمرة في السنة التالية.
✅ عدد عمرات النبي صلى الله عليه وسلم
🔹️الصحيح عند العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر وهي:
1️⃣عمرة الحديبية عام 6هج ، 2️⃣عمرة القضاء عام 7 هج، 3️⃣عمرة الجعرانة عام 8 هج،
4️⃣ عمرته مع حجة الوداع 10 هج.
♦️عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر في ذي القعدة، إلا التي اعتمر مع حجته، عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته. رواه البخاري ومسلم.
◾قال النووي :
قال العلماء : وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العُمَر في ذي القعدة لفضيلة هذا الشهر ولمخالفة الجاهلية في ذلك فإنهم كانوا يرونه ( أي الإعتمار في ذي القعدة ) من أفجر الفجور
ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه ، والله أعلم .
” شرح مسلم ” ( 8 / 235 ) .
✅وقت أداء العمرة :
يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة، حتى في أشهر الحج،
⚠️وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج،
⚠️وإذا أداها مع حجه كان قارناً بين الحج والعمرة،
⬅️ وعلى كل من المتمتع والقارن هدي ( أضحية ) ، إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام،
وإذا أتى الحاج بالعمرة في ذي الحجة بعد أيام التشريق جاز، ولا هدي عليه.
و من أراد التوسع في مسألة عمرة التمتع و القران فليراجع #سلسلةفقهالحج
و الله نسأل الهداية و التوفيق .
1️⃣ عمرة الحديبية : عمرة قصد النبي صلى الله عليه وسلم بها مكة، لكنه أُحصر في موضع الحديبية ومعه المسلمون، ومنع الدخول مكة وتحللوا ورجعوا، فسُميت عمرة باعتبار حصول أجرها، وعمرة الحديبية كانت سنة ست من الهجرة .
2️⃣عمرة القضاء
سُميت بذلك لأن النبي اعتمر قضاءا و استدراكا لعمرة الحديبية التي لم يتمها ، وكانت سنة سبع من الهجرة يعني عام بعد صلح الحديبية.
3️⃣عمرة الجعرانة : مكان بين الطائف ومكة وإلى مكة أقرب.
حيث قسم النبي هناك غنائم غزوة حنين و أحرم بالعمرة .
4️⃣ العمرة التي في حجته كانت في حجة الوداع؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان قارناً جامعاً بين الحج والعمرة في إحرام واحد .
اركان العمرة
✅ الإحرام : هو نية الدخول في النسك مقروناً بالتلبية
🚩ويُستحَبُّ للمُعتمِر قبلَ الشروع في إحرامه:
1️⃣ أَنْ يحلق عانتَه، وينتف إِبْطَهُ أو يحلقَه، ويقلِّمَ أظافرَه، ويقُصَّ شاربَه، ثمَّ يغتسل؛ والاغتسالُ سُنَّةٌ في حقِّ الرِّجال والنِّساء ولو كانَتِ المرأةُ حائضًا أو نُفَساءَ،
♦️ففي حديثِ عائشة رضي الله عنها قالت: «نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ؛ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ»(1)
2️⃣ ثمَّ يتطيَّب عند الإحرام وقبل الإهلال بالعمرة بأطيبِ ما يَجِدُه مِنَ الطِّيب في بدنه ولحيته دون ملابس الإحرام، ولا يضرُّه بقاءُ الطِّيب بعد الإحرام،
♦️ لحديثِ عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ»(2)
3️⃣ ثم يرتدي المعتمر ملابس الإحرام ، إزارٌ ورِداءٌ غيرُ مفصَّلين على قدر أعضاء البدن، أي: غيرُ مَخيطين؛ والأفضلُ أَنْ يكونا أبيضين للرجال خاصَّةً دون النساء؛
♦️لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ»(3)
⚠️والمرأةُ المُحْرِمة تَلْبَس ما شاءَتْ مِنَ الثياب المُطابِق لمواصفات الجلباب الشرعيِّ، بشرطِ ألَّا تتبرَّج بزينةٍ، ولا تتشبَّه في لباسها بالرِّجال والكافرات، ولا تنتقب ولا تَلْبَس القفَّازين، ولها أَنْ تُسْدِلَ سِتارَها على وجهها مِنْ غيرِ أَنْ تَشُدَّه إليه عند ملاقاة الرِّجال الأجانب لدرءِ الفتنة؛ تأسِّيًا بأُمَّهات المؤمنين ونساءِ السلف،
♦️ففي حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ»(4)
4️⃣ وإذا وَصَل المُعتمِرُ الميقاتَ فإِنْ كان مِنْ أهل المدينة أو ممَّنْ يمرُّ بميقاتها وهو ما يُسمَّى ﺑ «ذي الحليفة» فله أَنْ يصلِّيَ في وادي العقيق ركعتين استحبابًا ما عَدَا الحائضَ والنُّفَساء؛ وإنما تعلَّقَتِ الركعتان بخصوص المكان لأنه وادٍ مُبارَكٌ لا بخصوص الإحرام، لِمَا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ»(5)، فإذا وافق وقتَ فريضةٍ فيصلِّيها في أيِّ ميقاتٍ كان، وكذلك إذا صلَّى ركعتين ونَوَى بهما سنَّةَ الوضوء أجزأه فعلُه.
👈فإِنْ كان السفرُ على متن طائرةٍ لا تتوقَّف إلَّا في جُدَّة، فالأليقُ به أَنْ يَلبَس الإحرامَ في المطار أو في الطائرة، وأَنْ يُحْرِمَ بعمرةٍ ـ وجوبًا ـ قبل أَنْ يتجاوز الميقاتَ المكانيَّ المتعلِّق به.
⬅️و سنفصل المواقيت المكانيَّة للإحرام في الدروس القادمة إن شاء الله .
5️⃣ويُستحَبُّ له التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال، ثمَّ يتوجَّه إلى القِبلة ويُعلِن نيَّتَه قائلًا: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»،
لِمَا ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه: «رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ»(6)،
♦️كما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا ـ: أنه صَلَّى «بِالمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ»(7)
⬅️ و بالتالي إذا أراد المعتمر الإهلالَ بالعمرة فإنه ينتظر حتَّى تتوجَّه السيَّارةُ او الحافلة للمسير ومغادرةِ الميقات فيَستقبِل القِبلةَ ثُمَّ يُهلُّ.
🔸️والمراد بالإهلال: رفعُ الصوت بما أَوجبَه على نفسه عمرةً، فيقول: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»، ولا يُشرَع التلفُّظُ بالنيَّة في شيءٍ مِنَ العبادات إلَّا في هذا الموضع،
🔹️ ثُمَّ يُلَبِّي قائلًا: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»(8)،
🔹️وكان مِنْ تلبِيَتِه صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ»(9)
6️⃣ويُستحَبُّ له أَنْ يرفع بالتلبية صوتَه ويُسمِع بها مَنْ حوله لِمَا في رفع الصوت بالتلبية مِنْ إظهارٍ لشعائر الله وإعلانٍ بالتوحيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ ـ أَوْ قَالَ: بِالتَّلْبِيَةِ ـ» (10) يُرِيدُ أَحَدَهُمَا.
🛑والسُّنَّة في رفع الصوت خاص بالرِّجال، أمَّا المرأة فلا ترفع صوتَها بالتلبية أو بالذِّكر بحضرة الرجال الأجانب؛ لأنَّ الأصل في حقِّ المرأة التستُّرُ،
قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «وأجمعَ أهلُ العلم أنَّ السُّنَّةَ في المرأة أَنْ لا ترفع صوتَها، وإنما عليها أَنْ تُسمِع نَفْسَها؛ فخرجَتْ مِنْ جُملةِ ظاهر الحديثِ وخُصَّتْ بذلك، وبقي الحديثُ في الرجال»(11).
7️⃣ويُستحَبُّ لمَنْ خاف أَنْ يمنعه عن البيت عائقٌ يحول دون إتمام نُسُكه مِنْ مرضٍ أو مانعٍ آخَرَ أَنْ يَشترِطَ على الله(13) بعد إهلاله بالعمرة أو الحجِّ فيقول: «اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي».
♦️فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟» قَالَتْ: «وَاللهِ لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً»، فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»»(14).
8️⃣ ويُكْثِر المُحْرِم مِنَ التلبية عند تنقُّلاته وعمومِ أحواله في السفر، سواءٌ عَلَا شَرَفًا أو هَبَط واديًا؛
♦️ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا»(15).
9️⃣ ويَستمِرُّ ملبِّيًا مِنْ وقت الإحرام إلى أَنْ يبلغ الحرمَ المكِّيَّ، ولا يقطع التلبيةَ إلَّا عند رؤية بيوت مكَّة، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنه كان: «إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ.. وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»(16).
🔟 ويُستحَبُّ للمُحرِم أَنْ يبيت خارِجَ مكَّةَ ويدخلها نهارًا مُغتسِلًا،
لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما المتقدِّم أنه: «كَانَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»
⚠️فإذا وَصَل المسجدَ الحرام يدخله ـ متوضِّئًا ـ لحديثِ عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ»(17)، ويُستحَبُّ له دخولُ المسجد مِنْ بابِ بني شيبة(18) لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل منه،
ففي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ هَذَا البَابِ الأَعْظَمِ»(19)، [أي: مِنْ باب بني شيبة]،
⬅️ ويُقدِّم رِجلَه اليمنى ويأتي بالأدعية المأثورة، منها: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ، اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»(20)، أو «أَعُوذُ بِاللهِ العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»(21)،
💎 ويَستحضِرُ ـ حالَ دخوله ـ عظمةَ الله تعالى ونِعَمَه عليه بتيسير الوصول إلى بيته الحرام، كُلُّ ذلك في خشوعٍ وخضوعٍ وتعظيمٍ، ويرفع يدَيْه عند رؤية الكعبة إِنْ شاء، لثبوته عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما(22)، ويدعو بما تيسر
👈وإذا خَرَج مِنَ المسجد فلْيَقُلْ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»(23).
والعلمُ عند اللهِ تعالى
(1) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٠٩) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(2) مُتَّفَقٌ عليه
(3) مُتَّفَقٌ عليه
(4) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ ما يُنهى مِنَ الطِّيب للمُحرِم والمُحرِمة (١٨٣٨) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.
(5)أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: العقيق وادٍ مُبارَكٌ (١٥٣٤) مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه.
(6) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابَّة (١٥٥١) مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.
(7) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ مَنْ بات بذي الحُلَيْفة حتَّى أَصبحَ (١٥٤٦) مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.
(8) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب التلبية (١٥٤٩)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١١٨٤)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.
(9) أخرجه النسائيُّ في «مناسك الحجِّ» باب: كيف التلبية؟ (٢٧٥٢)، وابنُ ماجه في «المناسك» باب التلبية (٢٩٢٠)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ١٨٠).
(10) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب: كيف التلبية؟ (١٨١٤)، والترمذيُّ في «الحجِّ» بابُ ما جاء في رفع الصوت بالتلبية (٨٢٩)، والنسائيُّ في «مناسك الحجِّ» والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦٢).
(11) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٥٧).
(13) فائدة الاشتراط: أنَّ مَنْ حُبِس عن إتمام الحجِّ أو العمرة يتحلَّل مِنْ نُسُكه ولا قضاءَ عليه ولا فديةَ إِنْ كان قد أدَّى فريضةَ الإسلام، فإِنْ لم يكن قد أدَّاها فإنه يُعيدُ الحجَّ مِنْ جديدٍ في العام القابل.
(14) مُتَّفَقٌ عليه:
(15) أخرجه الترمذيُّ في «الحجِّ» (٨٢٨)، وابنُ ماجه في «المناسك» والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٥٧٧٠).
(16) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الاغتسال عند دخول مكَّة (١٥٧٣).
(17) مُتَّفَقٌ عليه
(18) انظر: «المغني» (٣/ ٣٦٨).
(19) أخرجه ابنُ خزيمة في «المناسك» بابُ استحبابِ دخول المسجد مِنْ بابِ بني شيبة (٤/ ٢٠٨) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديثُ صحَّح إسنادَه الألبانيُّ في «صحيح ابن خزيمة» (٢٧٠٠)
(20) أخرجه مسلمٌ في «صلاة المسافرين وقصرِها»
(21) أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابٌ فيما يقوله الرَّجلُ عند دخوله المسجدَ (٤٦٦) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. والحديث حَسَّنه النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٣١٤)، وصحَّحه الألبانيُّ في «مشكاة المصابيح» (١/ ٢٣٤).
(22) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٣/ ٤٣٦). والأثر صحَّحه الألبانيُّ في «مناسك الحجِّ والعمرة» (٢٠).
(23) أخرجه مسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧١٣) مِنْ حديثِ أبي أُسَيْدٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه
شروط العمرة
✅ حدّد الإسلامُ شروطاً حتى يصح أداء العمرة للمسلم ،
والشّرط في اللّغة يعني العلامة، وفي الاصطلاح الفقهي: هو ما لا يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم،
فالصلاة مثلاً يلزم لصحّتها الوضوء، فإذا كان الشخص غير طاهر لزِم من ذلك عدم صحّة صلاته إذا أدّاها دون وضوء، فالوضوء شرط لصحّة الصلاة .
✅ وهذه الشّروط هي:
1️⃣ الإسلام: وهو شرطٌ لأداء كافّة العبادات، فغير المسلم ليس مُخاطباً بخطاب العبادات، ولا تصحّ منه أيّ عبادة.
2️⃣التّكليف : يُشترط لصحّة ووجوب العمرة أن يكونَ الشخص مُكلّفاً؛ أي بالغاً عاقلاً، والعقل شرطٌ لصحّةِ العمرة، فالمجنون غير مؤهّل للعبادة، وكذلك الصّبيّ ليس مُخاطباً، لكن إن اعتمر فعمرته صحيحة، فالبلوغ شرطٌ لوجوب العمرة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: عن النائمِ حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبيِّ حتى يَشِبَّ، وعن المَعْتُوهِ حتى يَعْقِلَ)رواه البخاري
3️⃣الحرّية : وهي شرطٌ لوجوب العمرة، فهي غير واجبةٍ على العبد والأَمَة، لكن إن اعتمرا فعمرتهما صحيحة و تكتب لهما نافلة و لا تجزئ عن عمرة الإسلام لمن يرى بوجوبها على المسلم .
4️⃣ الاستطاعة: لا تجب العمرة على من لا يستطيع إليها سبيلا، لقول الله -تعالى: (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)
🛑والعمرة والحجّ كلاهما يُشترط لهما الاستطاعة، وهي: أن يكون الشخص قادراً جسديّاً، ولا يُعاني من أمراض تمنعه من أداء أعمال العمرة، وأن يكون قادراً مادّياً، ويملكَ ما يكفيه من الذّهاب والعودة إلى مكّة المكرّمة، وأن يأمن على نفسه وماله من شرور الطّريق أثناء ذهابه للعمرة.
✅ وهناك شروطٌ مهمّة خاصّةٌ بالنّساء:
🔸️وجود المَحرَم معها، فلا تَصحُّ عمرتها إلّا مع زوجها أو أحد محارمها،
▪️ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلَاثًا، إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ) رواه مسلم
👈 والمرأةُ التي ليس لها مَحرمٌ لا تجب عليها العمرة .
⚠️أما المرأة التي تسكن مكة دون مسافة السفر ، فلها أن تعتمر دون محرم إذا تجنبت الخلوة مع أجنبي .
🔸️أن لا تكون في فترة العِدّة من الطّلاق أو الوفاة، وذلك لأنّ المرأة المعتدة منهيّ عن خروجها وسفرها،
◾ لقول الله -تعالى-: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ)،
فيُمكنهما أداء العمرة بعد انتهاء العدّة.
و الله تعالى أعلى و أعلم .
محظورات الاحرام والفدية
🔴 محظورات الإحرام و الفِديَة
✅ المحظورات :
🔸️لغةً هي:الممنوعات .
🔸️اصطلاحًا هي : الممنوعاتُ التي يجِبُ على الْمُحْرِمِ اجتنابُها؛ بسبب إحرامِه ودُخُولِه في النُّسُكِ .
✅ الفِدْيةُ :
🔸️لغةً : أن يُجعَلَ شيءٌ مكانَ شَيءٍ حِمًى له، ومنه فِدْيَةُ الأسيرِ، واستنقاذُه بمالٍ .
🔸️ اصطلاحًا: هي ما يجِبُ لفِعْلِ محظورٍ أو تَرْكِ واجبٍ، وسُمِّيَت فديةً؛
لقوله تعالى: ( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) سورة البقرة: 196.
✅ محظوراتُ الإحرامِ التي تعُمُّ الرِّجالَ والنِّساءَ سَبْعةٌ:
1️⃣حَلْقُ الشَّعْرِ: حُكِي الإجماع على منع ذلك
و يعفى عن يسير الشعر المتساقط جراء حكّ و تمشيط الرأس .
2️⃣ تقليمُ الأظفارِ : لقول الله عز وجل : ” ثم ليقضوا ثفتهم “
قال ابن عباس رضي الله عنهما : التفث هو حلق الرأس و قص الأظافر .
3️⃣الطِّيبُ : حُكِي الإجماع على منع ذلك عن المُحرم
كما قال النووي : ( يشترط في الطيب الذي يحكم بتحريمه أن يكون معظم الغرض منه الطيب ، و إتخاذ الطيب منه ، او يظهر فيه هذا الغرض ) المجموع 277/7
4️⃣ الصَّيدُ : يُحرم على المحرم صيد البَرِّ أو الإعانة عليه ، قال الله تعالى : ” يا أيها آمنوا لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم “
5️⃣ عقدُ النِّكاحِ: لا يعقد المُحرم لنفسه و لا يعقد رجل على إمرأة مُحرمة و لا يكون المُحرم وليًّا ، لا يصح العقد عمن وقع منه .
قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينكح المحرم و لا يُنكح و لا يَخطب ) رواه مسلم .
6️⃣ الجِماعُ و المُباشرة : مُحرّمٌ على المحرم إجماعا
فمن جامع زوجته في إحرامه بالعمرة فعمرته باطلة فاسدة ، فعليه إتمام النسك وجوبا ، و عليه ذبح شاة له هو و لزوجته شاة إن كان الجماع برِضَاها .
إن كانت عمرته عمرة فريضة وجب عليه قضاءها فورا
و إن كانت عمرته نافلة تقضى كذلك لكن ليس على الفور .
على أن يُحرم المُحرم في عمرة القضاء من الميقات الذي أحرم منه أولا و هذا قول الجمهور .
و المباشرة مُحرّمة شرعا لكنها لا تبطل العمرة
و يلزم من باشر بالمسِّ أو النظر المتكرر فأنزل أثناء إحرامه ذبح شاة و هو مذهب الإمام أحمد و إختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
7️⃣ الفسوق و الجدال : ينبغي للمُحرم أن يبتعد عن الكلام القبيح و الجدال و الخصومات لئلا ينقص أجره ، و ليتحلى بالصبر و الحلم و كظم الغيظ .
قال الله تعالى : ” فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج “
و الحج و العمرة سواء .
الرفث : الجماع و مقدماته .
الفسوق : العصيان .
الجدال : المراء بغير حق .
✅ المحظوراتُ التي تختَصُّ بالرِّجالِ اثنتان:
1-لُبْسُ المَخِيطِ : المراد به ما يدار على البدن أو عضو من أعضائه كاملا ، و ليس معناه الخيط ، فلبس الساعة أو النعال أو الحزام الذي فيه خيط جائز .
2-تَغْطيةُ الرَّأْسِ: هناك إجماع إلا الوجه محل خلاف من ذلك لبس الكمامة على قولين اثنين :
_ القول الأول هو جواز تغطيه الوجه و هو مذهب الصحابة عثمان بن عفان و ابن عباس و جابر رضي الله عنهم ، و من التابعين عطاء و طاووس و مذهب الشافعية .
_القول الثاني عدم جواز تغطية الوجه و هو مذهب جمهور الفقهاء مستندين بحديث : ( و لا تخمِّروا وجهه ) رواه مسلم و صححه ابن حجر .
✅ المحظوراتُ التي تختصُّ بالنِّساءِ اثنتان:
1-النِّقابُ.
2-لُبْسُ القُفَّازين .
✅ إذا افتدى المحرم عن محظورٍ مِنْ محظورات الإحرام ثمَّ عاد إلى فعله بعد الفدية فتَلزَمه فديةٌ أخرى.
✅ إذا كانت المحظوراتُ مُتداخِلةَ الأجزاء، أي: مِنْ نوعٍ واحدٍ، ووقعَتْ في مجلسٍ أو مجالسَ متفرِّقةٍ، مثل الحلق بعد الحلق أو التطيُّب بعد التطيُّب فعليه فديةٌ واحدةٌ، فلا تتعدَّدُ الفديةُ بتعدُّد أسبابها، مثل مَنْ سَهَا في صلاته مرَّاتٍ متعدِّدةً يكفيه لجميعِها سجودُ سهوٍ واحدٌ
✅ إذا كانت المحظورات المرتَكَبَة غيرَ مُتداخِلةِ الأجزاء أي: أطرافُها متباينةٌ، فإمَّا أَنْ يكون المُحْرِمُ قد أتى بها مُجتمِعةً في مجلسٍ واحدٍ أو متفرِّقةً، فإِنْ أتى بها مُجتمِعةً فتَلزَمه كفَّارةٌ واحدةٌ كالمُحرِم الذي لَبِس ثوبًا مَخيطًا مُطيَّبًا، وهذا منقولٌ عن الإمام أحمد رحمه الله،
قال: «إنَّ في الطِّيب واللُّبس والحَلْق فديةً واحدةً، وإِنْ فَعَل ذلك واحدًا بعد واحدٍ فعليه لكُلِّ واحدٍ دمٌ»،
وهو قولُ إسحاق، وقال الحسن: «إِنْ لَبِسَ القميصَ وتَعَمَّم وتطيَّب ـ فَعَلَ ذلك جميعًا ـ فليس عليه إلَّا كفَّارةٌ واحدةٌ»،
ونحو ذلك عن الإمام مالكٍ ـ رحمهم الله ـ.
✅ أمَّا إذا كانت المحظورات المُرتكَبة أنواعًا متفرِّقةً؛ فإنَّ الفدية تتعدَّد بتعدُّد مُوجِبها أي: أنَّ عليه لكُلِّ محظورٍ فداءً، وتُلحَق صورتُها بالحدود المختلفة كمَنْ سَرَق وزنى وقذف، فتتعدَّد عليه الحدود .
الطواف
🔴 الطواف
الركن الثاني من أركان العمرة
✅ إذا وَصَل المُحْرِمُ إلى المسجد الحرام دَخَله و أتى بأذكار الدخول كما يأتي بها عند دخول باقي المساجد ،
⚠️ ويُستحَبُّ له ـ عند توجُّهه إلى الحَجَر الأسود لبداية الطواف أَنْ يكشف الكتفَ الأيمن ويغطِّيَ الكتفَ الأيسر في الأشواط السبعة منه فقط، وهو ما يُسمَّى ﺑ «الاضطباع»(1).
ويَستقبِل الحَجرَ الأسود فيقول: «بِسْمِ اللهِ، اللهُ أَكْبَرُ»، والتسميةُ قبل التكبير ثابتةٌ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما موقوفًا(2)،
ثُمَّ يُقَبِّلُهُ بفمه إِنْ تيسَّر، فمَنْ لم يستطع اسْتَلَمَه بيده مسحًا ثُمَّ قبَّل يدَه، فإِنْ تَعذَّر عليه ذلك لشِدَّة الزِّحام أشار إليه بيده مِنْ بعيدٍ، مِنْ غير أَنْ يقبِّل يده (3)؛
👈ويفعل ذلك في كُلِّ طوافه؛ ولا يجوز أَنْ يرفع صوتَه بنيَّة الطواف؛ لأنَّ مَحَلَّها القلبُ، ولا أَنْ يعتقد في الحَجَر الأسود النفعَ والضرَّ، وإنما يفعل ذلك اقتداءً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم طاعةً لله تعالى.
♦️ويدلُّ على ما تقدَّم: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ اعْتَمَرُوا مِنَ الجِعِرَّانَةِ فَرَمَلُوا بِالبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ اليُسْرَى»(4)،
♦️ وفي حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ»(5)،
♦️وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ»(7)،
✅ ثمَّ يشرع في الطواف بالبيت، ويجعل الكعبةَ عن يساره، ويدور حولها: مِنَ الحَجَر إلى الحَجَر شوطٌ، فإذا وَصَل الركن اليمانيَّ استلمه بيده في كُلِّ طوفةٍ إِنْ تيسَّر بدون تقبيلٍ، فإِنْ تعذَّر فلا يشير إليه بيده.
⬅️ وكلَّما مرَّ بالحَجَر الأسود كرَّر ما فَعَلَه في الطوفة الأولى في سبعة أشواطٍ، وله الاختيار في ذِكرِ ما يشاء مِنَ الأدعية والأذكار والاستغفار والقراءة؛ إذ ليس للطواف ذِكرٌ خاصٌّ إلَّا ما ثَبَت مِنْ ذِكرٍ بين الركن اليمانيِّ والحَجَر، حيث يقول بينهما: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ٢٠١﴾ [البقرة].
✅ ويُستحَبُّ له الرَّمَل(9) مِنَ الحَجَر إلى الحَجَر في الأشواط الثلاثة الأولى مِنْ طواف القدوم، ويمشي فيما بين الركن اليمانيِّ والحَجَر الأسود، ولا يَرْمُل في الأربعة الباقية؛ والرَّمَل في الطوافِ والهرولةُ في السعي هما خاصَّان بالرجال، فلا رَمَلَ للنساء ولا هرولةَ(10).
♦️ويدلُّ على ما تقدَّم: حديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً مِنَ الحَجَرِ إِلَى الحَجَرِ»(11)،
✅ ويجوز للنساء الطوافُ مِنْ وراء الرجال مِنْ غيرِ مخالطةٍ، فقَدْ «كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ»(13)، وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: «شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»»(14).
🛑 والمرأةُ اليوم للأسف خالطت الرِّجال و زاحمتهم عند الحَجَر الأسود والركن اليمانيِّ و عند الملتزم و في الطواف حتَّى انكشفَتْ عورتُها و باءت بالإثم من أجل فعل ليس واجبا عليها ، و قد كانت نساء السلف تتحرزن من كل ذلك .
⚠️ تنبيه على أخطاء يرتكبها بعض الطائفين، منها:
🔹️لا يجوز للحاجِّ أو المُعتمِر في طوافه أَنْ يُزاحِم الناسَ لِمَا فيه مِنَ الأَذِيَّة والضرر، وذهاب الخشوع والتعبُّد، وقد يَصِل إلى حدِّ اللغو والجدال والمقاتلة؛ والمعلومُ أنَّ الاستلام والإشارة مُستحَبَّان والإيذاءَ محرَّمٌ؛ فلا يجوز فعلُ المحرَّم لتحصيل المُستحَبِّ.
🔹️ولا يجوز أَنْ يُعتقَد أنَّ لكُلِّ شوطٍ دعاءً خاصًّا إلَّا ما صحَّ عن عبد الله بنِ السائب رضي الله عنه قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ٢٠١﴾ [البقرة]»(15).
🔹️ولا يجوز أَنْ يرفع صوته لِمَا فيه مِنَ التشويش على الآخَرين، ولا أَنْ يدعوَ بالدعاء جماعيًّا؛ إذ لا يُشرَع في الذِّكرِ الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ.
🔹️ولا يصحُّ له أَنْ يطوف مِنْ داخل الحِجْر؛ لأنَّ الحِجْر مِنَ الكعبة إجماعًا(16)، فيجب الطوافُ وراءَه؛ لأنَّ الله تعالى أَمَر بالطواف بالبيت جميعِه بقوله تعالى: ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٢٩﴾ [الحج: ٢٩]، والحِجْر منه، فمَنْ لم يَطُفْ به لم يُعْتَدَّ بطوافه(17).
🔹️ولا يجوز أَنْ يَستَلِمَ إلَّا الركنين اليمانيَّيْن ولا يَستلِم الركنين الشاميَّيْن لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ»(18)، وفي حديثِ عائشة رضي الله عنها قال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟» فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟!» قَالَ: «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَفَعَلْتُ»، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ [ابْنُ عُمَرَ] رضي الله عنه: «لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ إِلَّا أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ»(19).
🔹️ولا يجوز للحائضٍ أو النفساء أَنْ تطوف بالبيت ولا العُريان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ»(20)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيَانٌ»(21).
⬅️ وتَلزَمُه الموالاةُ بين الأشواط في الطواف إلَّا لعذرٍ، ويبني للعذر على ما سَبَق مِنْ حيث انقطع طوافُه، مع إعادة الشوط الذي خَرَج منه.
🔹️لا يجوز ـ أثناءَ الطواف ـ الكلامُ الذي لا يُرضي اللهَ تعالى، الذي يتضمَّن إيذاءً لعباد الله وإذهابًا للخشوع، ويجوز له الكلامُ في الأمور الواجبةِ والمُستحَبَّة والمُباحة مِنْ غيرِ توسُّعٍ؛ والاشتغالُ بذِكر الله وقراءةِ القرآن أَوْلى وأسلمُ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ»(22)، وفي روايةٍ: «فَأَقِلُّوا فِيهِ الكَلَامَ»(23).
✅ يُستحَبُّ له الْتزامُ المُلتزَم في الطواف إِنْ تيسَّر، ويَضَع عليه صَدْرَه ووجهَه وذراعَيْه، ويدعو بما شاء ويسأل اللهَ حاجتَه؛ لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ(24)، والصحابةُ رضي الله عنهم كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكَّة، و«لو وقف عند الباب ودَعَا هناك مِنْ غير الْتزامٍ للبيت كان حسنًا»(25).
✅ فإذا أَتمَّ سبعةَ أشواطٍ وانتهى منها غطَّى كَتِفَه، وتقدَّم إلى مَقام إبراهيم ويقرأ: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗىۖ ﴾ [البقرة: ١٢٥]،
ثمَّ يصلِّي سنَّةَ الطواف خَلْفَ المَقام أو قريبًا منه إِنْ أَمكنَ وإلَّا ففي أيِّ مكانٍ داخِلَ الحرم، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ﺑ: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ١﴾ [الكافرون: ١]، وفي الثانية بعد الفاتحة ـ أيضًا ـ ﺑ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱلله أَحَدٌ١﴾ [الإخلاص].
▪️️قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «وأجمعوا ـ أيضًا ـ على أنَّ الطائف يُصلِّي الركعتين حيث شاء مِنَ المسجد، وحيث أَمكنَه، وأنه إِنْ لم يُصلِّ عند المَقام أو خلف المَقام فلا شيءَ عليه»(26).
ويدلُّ على ما تقدَّم حديثُ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما، قال في صفة حَجَّة النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «..حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا البَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَقَرَأَ: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗىۖ ﴾، فَجَعَلَ المَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ»،
قال جعفرٌ الصادق بنُ محمَّدٍ الباقر: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ١﴾ وَ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ١﴾»(27).
✅ وعلى المصلِّي أَنْ يتَّخِذ السُّترةَ عند الشروع في صلاته، لعموم النصوص المؤكِّدة على اتِّخاذها مِنْ غير تفريقٍ بين الحرم وغيره مِنَ المساجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا؛ لَا يَقْطَعِ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ»(28) ،
وقولِه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ»(30)؛
👈وقد يُعفى عن المُضطرِّ عند شدَّة الزحام .
✅ بعد الفراغ من الطواف ، ينصرف المعتمر إلى زمزم فيشرب منه ويصبُّ على رأسه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(33)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ؛ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ»(34)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ؛ فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ»(35).
✅ ثمَّ يُسَنُّ له الرجوعُ إلى الحَجَر الأسود ـ قبل أَنْ يأتيَ المسعى ـ فيكبِّر ويَستلِمُه إِنْ تيسَّر على نحوِ ما تقدَّم،
♦️ويدلُّ عليه حديثُ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الحَجَرِ إِلَى الحَجَرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الحَجَرِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّفَا»(36)، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»(37).
(1) قال ابنُ قدامة رحمه الله في «المغني» (٣/ ٣٧٢): «ويُستحَبُّ الاضطباعُ في طواف القدوم.. وإذا فَرَغ مِنَ الطواف سوَّى رداءَه؛ لأنَّ الاضطباعَ غيرُ مُستحَبٍّ في الصلاة.. لأنَّ قوله: طاف النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُضطبِعًا ينصرف إلى جميعه، ولا يَضطبِعُ في غيرِ هذا الطواف، ولا يَضطبِعُ في السعي» بتصرُّف.
(2) أخرجه البخاريُّ
(3) قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله في «الاستذكار» (٤/ ٢٠١): «ولا يختلف العلماءُ أنَّ تقبيل الحَجَر الأسود في الطواف مِنْ سُنَن الحجِّ لمَنْ قَدَر عليه، ومَنْ لم يقدر عليه وَضَع يده على فيه ثمَّ وَضَعها عليه مُستلِمًا ورَفَعها إلى فيه، فإِنْ لم يقدر ـ أيضًا ـ على ذلك كبَّر إذا قابله وحاذاه، فإِنْ لم يفعل فلا أَعلمُ أحَدًا أَوجبَ عليه دمًا ولا فديةً».
(4) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الاضطباع في الطواف (١٨٨٤) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث حَسَّنه المنذريُّ كما في «نصب الراية» للزيلعي (٣/ ٤٣)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٢٩٢).
(5) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ تقبيل الحَجَر (١٦١١) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.
(7) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب التكبير عند الركن (١٦١٣) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(9) الرَّمَل: إذا أَسرعَ في المشي وهزَّ مَنْكِبَيْه، [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٢/ ٢٦٥)].
(10) قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله في «الاستذكار» (٤/ ١٩٥): «وأجمعوا أنه ليس على النِّساء رَمَلٌ في طوافهنَّ بالبيت، ولا هرولةٌ في سعيهنَّ بين الصفا والمروة».
(11) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ ما جاء في السعي بين الصفا والمروة (١٦٤٤)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٦١)، وابنُ ماجه في «المناسك» باب الرَّمَل حول البيت (٢٩٥٠) واللفظُ له، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.
(13) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ طواف النساء مع الرِّجال (١٦١٨) عن عطاءٍ رحمه الله.
(14) مُتَّفَقٌ عليه
(15) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الدعاء في الطواف (١٨٩٢) مِنْ حديث عبد الله ابنِ السائب رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود».
(16) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ١٨٨).
(17) انظر: «المغني» لابن قدامة (٣/ ٣٨٢).
(18) مُتَّفَقٌ عليه
(19) مُتَّفَقٌ عليه
(20) مُتَّفَقٌ عليه
(21) مُتَّفَقٌ عليه
(22) أخرجه الترمذيُّ في «الحجِّ» بابُ ما جاء في الكلام في الطواف (٩٦٠)، والنَّسائيُّ في «مناسك الحجِّ» بابُ إباحة الكلام في الطواف (٢٩٢٢)، وابنُ خزيمة في «صحيحه» (٢٧٣٩)، وابنُ حِبَّان في «صحيحه» (٣٨٣٦)، والحاكم في «المستدرك» (١٦٨٧)، والبيهقيُّ في «سننه الكبرى» (٩٣٠٣)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ١٥٤)، وانظُرْ في وقفِه أو رفعِه ما كَتَبه ابنُ حجرٍ في «التلخيص الحبير» (١/ ١٩٥).
(23) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٣٠٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (٣/ ٥٧)، و«الإرواء» للألباني (١/ ١٥٤).
(24) انظر الحديثَ الذي أخرجه أبو داود في «المناسك» باب المُلتزَم (١٨٩٩)، وابنُ ماجه في «المناسك» باب المُلتزَم (٢٩٦٢)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. والحديثُ صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ١٧٠)، وانظر: «التلخيص الحبير» لابن حجر (٢/ ٥٤٥).
(25) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ١٤٣).
(26) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٢٠٤). قال ابنُ قدامة رحمه الله في «المغني» (٣/ ٣٨٣): «وحيث رَكَعهما ومهما قَرَأ فيهما جازَ».
(27) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.
(28) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّترة (٦٩٥)، والنسائيُّ في «القِبلة» باب الأمر بالدُّنُوِّ مِنَ السُّترة (٧٤٨)، مِنْ حديثِ سهل بنِ أبي حَثْمةَ رضي الله عنه. والحديث حَسَّنه ابنُ عبد البرِّ في «التمهيد» (٤/ ١٩٥)، وصحَّحه النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٥١٨)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٣٧٥).
(30) أخرجه مسلمٌ في «الصلاة» (٤٩٩) مِنْ حديثِ طلحة بنِ عُبَيْد الله رضي الله عنه.
(33) أخرجه ابنُ ماجه في «المناسك» باب الشرب مِنْ زمزم (٣٠٦٢) مِنْ حديثِ جابر ابنِ عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه المنذريُّ في «الترغيب والترهيب» (٢/ ١٣٦)، وابنُ القيِّم في «زاد المَعاد» (٤/ ٣٦٠)، وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (١١٢٣).
(34) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٦٥٩)، وهو في مسلمٍ دون قوله: «وشفاءُ سُقْمٍ» في «فضائل الصحابة» (٢٤٧٣)، مِنْ حديثِ أبي ذرٍّ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه المنذريُّ في «الترغيب والترهيب» (٢/ ١٣٥)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٤٣٥).
(35) أخرجه الطبرانيُّ في «المعجم الكبير» (١١/ ٩٨) وفي «الأوسط» (٤/ ١٧٩)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. قال ابنُ حجرٍ: «رُوَاتُه موثوقون، وفي بعضهم مَقالٌ، لكنَّه قويٌّ في المتابعات» انظر: «فيض القدير» للمناوي (٣/ ٤٨٩)، وحَسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٤٥).
(36) أخرجه ـ بهذا اللفظِ ـ أحمد في «المسند» (١٥٢٤٣) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. وبنحوه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) من حديثِ جابرٍ رضي الله عنهما الطويل بلفظِ: «ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا».
(37) أخرجه مسلم